تراجع صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا

في خضم الأزمة الأوكرانية وتداعياتها المتلاحقة، يواجه الاتحاد الأوروبي تحديات جسيمة على صعيد أمن الطاقة. خاصة مع اعتماده الكبير على الغاز الروسي لسنوات طويلة. وتأتي تصريحات رئيس شركة روس نفط، إيجور سيتشين، لتكشف عن التكلفة الباهظة لفك الارتباط بالغاز الروسي. حيث تشير التقديرات إلى أن دول الاتحاد الأوروبي قد أنفقت ما يقارب من 630 مليار دولار على استبدال إمدادات الغاز الروسية في السنوات الثلاث الماضية.

يعد هذا المبلغ الضخم بمثابة فاتورة باهظة تدفعها أوروبا ثمن سعيها لتنويع مصادر الطاقة بعيدًا عن روسيا. ووفقًا لسيتشين، فإن هذا الرقم يعادل حجم الاستثمارات التي تمت في الكتلة الأوروبية خلال 8 سنوات. كما أنه يمثل 4 أضعاف إجمالي الناتج المحلي الإجمالي لدول البلطيق ويُعادل صادرات السويد وبولندا مجتمعةً.

لم تقتصر تداعيات أزمة الطاقة على الحكومات الأوروبية فقط، بل طالت أيضا الشركات العاملة في مختلف القطاعات. فقد حذر سيتشين من أن 32% من الشركات الألمانية تخطط بالفعل لنقل خطوط إنتاجها إلى خارج ألمانيا بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة. مما يهدد بضياع فرص العمل وتراجع القدرة التنافسية للمنتجات الأوروبية.

تراجع صادرات الغاز الروسي:

تأتي هذه التطورات في ظل انخفاض صادرات الغاز الروسي إلى الاتحاد الأوروبي بشكل ملحوظ على خلفية الأزمة الأوكرانية وتخريب خطوط أنابيب السيل الشمالي. حيث كانت هذه الخطوط تمثل مسارا رئيسيا لتصدير الغاز من روسيا إلى أوروبا. لكن تراجعت حصتها من واردات الغاز عبر الأنابيب إلى الاتحاد الأوروبي من 41% إلى 8% فقط في عام 2021.

على الرغم من تراجع الاعتماد على الغاز الروسي، إلا أن أوروبا لا تزال تعتمد بشكل جزئي على الإمدادات الروسية، حيث تشكل روسيا 15% من إجمالي واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز، بما في ذلك غاز الأنابيب والغاز الطبيعي المسال.

ولذا، تسعى الدول الأوروبية جاهدة لتنويع مصادر الطاقة، من خلال زيادة واردات الغاز الطبيعي المسال من دول أخرى مثل قطر والولايات المتحدة. بالإضافة إلى الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

إن أزمة الطاقة التي تواجهها أوروبا تسلط الضوء على أهمية أمن الطاقة وضرورة تنويع مصادرها. وتعد هذه الأزمة بمثابة فرصة لأوروبا لإعادة تقييم استراتيجياتها في مجال الطاقة والتحول نحو مصادر طاقة أكثر استدامة وكفاءة.